اللواء الركن م طارق ميرغنى الفكى يكتب...


.....الماسونية والعدو المتوهم ( الكيزان).......

لواء ركن (م) : طارق ميرغني الفكي.....

المتتبع لأساليب الماسونية يجد أنها دين شيطاني يعادي الأديان والأنظمة السياسية القوية المهددة لمصالحها ، وكل من يتخذها ديناً تجد أنه في سبيل مصلحته لا يقيده حلال وحرام ويمكنه التعدي على حقوق الآخرين لأنه لا وازع ديني له يمنعه من ذلك ولا أخلاق ويمكنه أن يبيع وطنه بثمن بخس لصالح العدو . الرئيس الكوبي كاسترو عندما أراد أن ينهض بإقتصاد بلاده فكر في كيفية التخلص من هؤلاء الطفيليين الذين يعملون لصالح الخارج ، فقام بحيلة خدع فيها أميركا في أمر الهجرة لتفتح لهم باب الهجرة على مصراعيه ، ليرسلهم إلى أميركا في قوارب فيتمكن بذلك من إصلاح إقتصاد كوبا والنهوض به .
الإسلام يقوم على الصدق والشفافية لذلك فإن المسلم يمكن أن يرتكب الكبائر ولكن لا يمكن أن يكذب وذلك بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لذلك من كذب وهو يدعي الإسلام عليه أن يراجع دينه فكثير من بني جلدتنا اليوم يدعي الإسلام ولكن في سبيل مصلحته يمارس سلوكاً ماسونياً حيث يكذب ويبيع دينه بثمن بخس .
إستغلت الماسونية الكذب في الوصول لأهدافها بتضليل المسلمين وخداعهم لأن هذا لا يجوز عند المسلمين إلا في ميدان المعركة ، فهي بذلك تحاربهم من حيث لا يدركون بممارسة الحرب الفكرية ، فأسلوب الحرب الذي تمارسه الماسونية مبني على الكذب والتضليل والخبث السياسي وهي ترى أن ذلك تطوراً في الحرب لأنها لا أخلاق لها ، فهي تحارب بلاد المسلمين الغير مرغوب فيها وتعمل على تعطيل نهضتها وتقتل علماءها بدم بارد وتحرم نوابغ جامعاتها من رعاية بحوثهم للنهضة بأوطانهم فترغمهم على الإغتراب لتحرم بلادهم من إبداعهم وتعطل مشاريع التنمية ومراكز البحوث من القيام بدورها ، الأمر الذي يتطلب أن تكون مثل هذه المواقع تحت تأمين مخابرات عسكرية لأنها في حالة حرب فكرية ماسونية تعمل على تحطيمها وتدميرها ، كما أن الماسونية في سبيل الوصول لمصالحها تخدع البسطاء وتختلق عدواً وهمياً تسلط عليه الضوء كذباً وإفتراءً وترميه بأبشع الصور وتسخر الإعلام وتمول من ينفذ أعمالاً وحشية من قتل وتدمير بإسم هذا العدو الوهمي حتى يصدقه البسطاء ومن ثم تقوم بالقضاء عليه وسلبه .
يمكن توضيح أساليب الماسونية التي سردناها أعلاه في النمازج التالية ، ففي حرب الماسونية للشيوعية خدعت المجاهدين وإستغلتهم في أفغانستان لهزيمة الإتحاد السوفيتي وعندما تحققت مصلحتها إنقلبت عليهم ووصمتهم بالإرهاب كذباً وإفتراءً لتقضي عليهم وتتخلص منهم ، وخدعت صدام حسين وإستغلته لهزيمة إيران وعندما تحققت مصلحتها إنقلبت عليه وأدخلته في مصيدة الكويت وجعلته (عدواً متوهماً) ينتج سلاحاً نووياً كذباً وإفتراءً لتقضي عليه وتتخلص منه ، ومحاولة إغتيال حسني مبارك في أثيوبيا لا أستبعد أنها كانت خدعة ماسونية لوصم نظام البشير بالإرهاب ودخول حلايب لتكرار سيناريو حرب العراق والكويت وإلا لماذا أتى الرئيس مبارك بسيارته المصفحة لأثيوبيا ، وخدعة البسطاء في أفغانستان والعراق بتحقيق الديمقراطية وحقوق الإنسان كذباً وإفتراءً فالماسونية لا تعترف إلا بإنسانها فقط فبقية البشر لا قيمة لهم عندها لأن رؤية الماسونية أن تمتد حدودها حيث تنتهي مصالحها فيما يعرف بالجيوبوليتيك وكل ذلك لصالح إنسانها فقط ، وقد شهدنا ماذا فعلت الماسونية بإنسان الفلوجة في حرب العراق حيث يتواجد السنة ( العدو المتوهم) المتمسكون بإسلامهم الجهادي الذي لا ترغبه الماسونية ، إنها حرب المصالح التي تمتطي فيها الماسونية الكرزايات لتصل بهم لأهدافها ثم تتخلص منهم ، إن المسلمين يواجهون اليوم حرباً قذره من عدو لا أخلاق له ولا دين ، لذلك فإن كل من يتمسك بالإسلام كاملاً بسنة الجهاد ستشوه صورته ويتهم بالإرهاب والتزمت والتشدد لأنه سيقف في وجهها ويحرمها من طغيان مصلحتها التي لا حدود لها ، فالجهاد هو ذروة سنام الإسلام ، ومعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان مجاهداً خاض العديد من الغزوات ، فالجهاد ليس إرهاباً كما تصوغ له الماسونية اليوم ، إنها تريد مسلماً خاملاً ذليلاً لا يقف في وجه ظلمها وإستبدادها .
لقد حرفت الماسونية وبدلت في الإديان السماوية ، فحرفت وبدلت في اليهودية فجعلت عزيراً إبن الله ، وحرفت وبدلت في المسيحية فجعلت المسيح إبن الله لتنشر الحروب والفتن في أوربا من قبل ، وهي اليوم تحرف وتبدل في الإسلام وتريده خالياً من سنة الجهاد لتتمكن من إكمال مشروع دولتها الماسونية الكبرى والتي تمتد من النيل إلى الفرات ، وقد شجعت الماسونية الطوائف الإسلامية التي لا ترغب في سنة الجهاد ودعمتها وشوهت الطوائف الإسلامية المتمسكة بالإسلام كاملاً الذي لا يخلو من سنة الجهاد فجعلتها عدوها المتوهم الذي تسلط عليه الضوء وترميه بأبشع الصور ، فنجحت بذلك في حربها للإسلام داخل الدولة الواحدة بزرع العداوة بين الطوائف الإسلامية ، ثم طورت هذه الحرب بوصم الدولة الإسلامية المستهدفة بطائفة دينية جهادية لتجعلها (العدو المتوهم) لتسلط عليها الضوء إعلامياً حتى يصدقها البسطاء ، فيتم بذلك عزل الدولة عن بقية الدول الإسلامية وعزل الطائفة عن بقية الطوائف ، لتتمكن من عزل الدولة بطائفتها (العدو الوهمي) خارجياً وداخلياً فيسهل لها ضربها والقضاء عليها ، وصلت الماسونية بهذا الأسلوب لأهدافها في العديد من الدول الإسلامية ، ففي السعودية جعلت الماسونية السنة ( العدو الوهمي) وأطلقت عليها إسم الوهابية وسلطت عليها الضوء وشوهت صورتها ووصمتها بالإرهاب ، فهي تريد بذلك عزل السعودية عن بقية الدول الإسلامية خارجياً ، وعزل السنة (الوهابية) عن بقية الطوائف الإسلامية داخلياً ، لتتمكن بذلك من عزلها والقضاء عليها وإنتهاك المقدسات الإسلامية فيها ، لكن قيادة السعودية إستطاعت أن تتجاوز ذلك بدبلوماسيتها حيث لا زالت السعودية صامدة متماسكة نسأل الله أن يحفظها من مؤامرات الأعداء ومخططاتهم فهي قبلة المسلمين وموطن الحرمين الشريفين ، ودولة قطر الشقيقة والصديقة أتهمت بالكوزنة والإرهاب وتم حصارها لكنها أيضاً تجاوزت ذلك بدبلوماسيتها ، ومنظمة حماس في فلسطين المتمسكة بإسلامها وبسنة الجهاد تتهمها الماسونية بالإرهاب لتتمكن بذلك من عزلها عن الدول الإسلامية وتحاصرها في غزة عشرات السنين لكنها صامدة بعون الله تعالى في وجه إسرائيل نسأل الله لها النصر وأن يعيد الدول الإسلامية لصوابها لنصرتها وفك حصارها ، وفي تركيا والتي لازالت غضة في تخلصها من العلمانية وقطع الرئيس رجب طيب أردوغان شوطاً كبيراً في إعادتها لحظيرة الإسلام ، نجد أن الماسونية بخداعها وتضليلها إستطاعت في زمن وجيز أن تجعلها دولة إرهابية لأن تركيا بتوجهها الإسلامي لا تتوافق مع مصالح ومخططات الماسونية ومعلوم عن الأتراك كمال إسلامهم وإنتشار العلم الشرعي عندهم .
لقد إستطاعت الماسونية بحربها الفكرية الناعمة ضد الإسلام والمسلمين أن تشغل المسلمين عن مهمتهم الأساسية الرامية لرفع راية الإسلام ونشر دعوته بنجاحها في تحقيق العداوة بين طوائف المسلمين وتحقيق العداوة بين الدول الإسلامية فيما بينها ، ولم يسلم السودان من هذه الحرب الفكرية الماسونية حيث ظلت كلمة كوز وكيزان هي التي تردد وبصورة غريبة لتحقيق مآرب ومطامع الماسونية في هذا البلد ، فالكيزان هم العدو الوهمي الذي تعمل على عزله ووصمه بالإرهاب والتكفير ، كانت صورة الكيزان ناصعة البياض في بداية حكمهم وإنضم لهم الكثير من أبناء الشعب المحب للجهاد ، لكن سزاجتهم مكنت أعدائهم من الدخول وسطهم وتشويه صورتهم ، وتمادوا في السذاجة حين سمحوا لبعض أعدائهم مشاركتهم في الحكم ليضربوهم من الداخل ، فالماسوني لا أخلاق له ووطنه مصلحته لذلك لا قيمة عنده للوطن وهو يمكن أن يكون في شكل كوز أو شيوعي أو غيره بل وأن بعضهم في شكل شيوخ ، فإذا سمحنا لهذه الخدعة الماسونية بالمرور والوصول لهدفها فإننا سنمكن الماسونية من ضرب الإسلام والمسلمين تحت زريعة الكيزان لأن الإسلام ليس دين الكيزان وحدهم بل هو دين غالب الشعب ومعلوم عن الشعب السوداني حبه للجهاد لذلك هو شعب غير مرغوب فيه لدى الماسونية ، لذلك يجب أن نميز بين الفساد والكيزان بالوقوف ضد الفساد سواء كان من الكيزان أو غيرهم ، وكل من يفسد سواء بالتهريب أو التخريب أو الإحتكار فإنه يمارس سلوكاً ماسونياً وليس سلوكاً إسلامياً لأن همه مصلحته فقط وهو بذلك يدعم الماسونية ويقدم خدمة جليلة لها لذلك يجب أن توقع عليه أقصى عقوبة لأن المسلم يقدم مصلحة الإسلام والمسلمين على مصلحته ، ولأن المسلم من سلم المسلمين من لسانه ويده ، وكذلك يجب التخلص من فساد الألسن بأن ندع الشتم والسب لأن المسلم ليس بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء ، علماً بأن اللعن قد يرتد على اللاعن إذا لم ينزل على الملعون فكيف يقوم به المسلم ، فهذه الأخلاق السيئة لا تشبه سلوك المسلمين وتصب أيضاً في صالح الماسونية لأن غرضها إفساد النسيج الإجتماعي وإحداث إنفلات يؤدي لوقوع إحتراب وإقتتال بين أبناء المسلمين وقد نجحت بهذا الإسلوب في الوصول لهدفها في عدة دول إسلامية ، غير أن الشعب السوداني واعي لمثل هذه المؤامرات وهو شعب إجتماعي ضارب في العراقة بتأسيسه لأول حضارة إنسانية لذلك لن تمر فيه مثل هذه الخدع ولن يسمح بوصول هذه المخططات لأهدافها ومراميها .
ظل الإقتصاد السوداني منهاراً منذ إعلان نظام نميري للشريعة الإسلامية والتي أيدها الشعب بشدة ، وقد توقف الدعم الخارجي للإقتصاد بسبب هذا الإعلان مما أدى لسقوط نظام نميري لأن الماسونية لا ترغب في شعوب بهذا التوجه الإسلامي ، ولن ترفع الماسونية الحصار الإقتصادي عن السودان إلا بإعادة عوائد الخمور والزنا إلى خزينة الدولة السودانية بعد أن طهرها نميري منها ولا يهمها أن يموت الشعب السوداني لأن حقوق الإنسان ما هي إلا خدعة لتحقيق مصالحها ، لذلك علينا أن نكون صادقين مع أنفسنا فيما نريد فالله تعالى يحب الصادقين ، هل نحن نريد عون الله ونصرته أم نريد عون الماسونية ونصرتها وذلك لأن الإمساك بالعصا من النصف لا يجدي .
عندما فسد نظام البشير عارضه كثيرون من داخل حزبه بل وبعضهم حمل ضده السلاح ونجحت الثورة في إسقاطه غير أن هذا لا يعني نهاية المطاف ليظل شغلنا الشاغل هو الكيزان والنظام البائد ، علماً بأن النظام البائد عندما إستلم السلطة وجد إقتصاداً منهاراً منذ إعلان الشريعة الإسلامية لكنه لم يستسلم وشمر عن ساعد الجد حتى إستخرج البترول ، غير أن أعدائه في الداخل والخارج لم يطيب لهم ذلك فعملوا على إسقاطه وظلوا يحفرون له طوال فترة حكمه وشوهوا الحروب التي يخوضها بأنها دينية وعنصرية حتى إستطاعوا أن يسقطوه ، وقد دفع الوطن والمواطن ثمن خداعات وأكاذيب أعداء النظام في الداخل والخارج بسبب المعارضة الغير راشدة وسلوكها الماسوني لمصلحتها وولاء بعضها الأعمى للخارج ، لقد ساعدوا الماسونية في تشديد قبضتها وحصارها الإقتصادي بل وتسببوا في فصل جزء عزيز من هذا الوطن الغالي علماً بأن التقسيم الذي تريده الماسونية للسودان لم يكتمل بعد .
نظام البشير بخيره وشره مرحلة قد إنتهت ومضى عليها أكثر من عام يجب أن نقلب صفحتها ونعمل في صفحة جديدة ولا نضيع وقتنا في سب وشتم عدو متوهم ( الكيزان) لأنه في صالح الماسونية علماً بأن كل من يعارض في الوقت الراهن صار يتهم بالكوزنة ، لذلك علينا أن نشمر عن ساعد الجد لنقوي إقتصادنا حتى لا تخور بالجوع عزائم الرجال فالجوع كافر ، كما علينا أن نستفيد من أخطاء الماضي بالعمل على جمع القلوب التي شتتها الماسونية داخل حظيرة الوطن لننتهي من شغل الحفر الذي إستغلته الماسونية أسوأ إستغلال حيث لم تسلم من ذلك حتى الفترة الإنتقالية عندما كشفت خطة إزالة الإعتصام حسب تصريحات المسئولين لتستغلها الماسونية في تشويه صورة العسكريين تقتيلاً واغتصاباً لأن هدف الماسونية من بعد إزالة الكيزان هو تفكيك القوات المسلحة التي لم تقصر في واجبها تجاه الوطن والمواطن منذ تأسيسها ، فالخطط العسكرية يجب أن تتم في سرية تامة لا يطلع عليها إلا المنفذين فقط وفي الوقت المناسب ، وكذلك خدعة محاولة أغتيال رئيس الوزراء حمدوك المشابهة لمحاولة إغتيال حسني مبارك والتي تشير القرائن إلى أنها مفبركة وتريد الماسونية من ورائها تشويه صورة العدو المتوهم (الكيزان) .
من كل ذلك على الدول الإسلامية جمع صفوف أبناءها الذين شتتهم الماسونية تحت راية واحدة ونبذ الفرقة في تعدد الطوائف والأحزاب ومراجعة المناهج التربوية التي تلاعبت بها الماسونية بما يخدم أغراضها ومصالحها مما أدى لإنتشار الجهل بالعلم الشرعي الذي تولدت منه الأفكار المتطرفة التكفيرية والدجلية والإرعابية فالماسونية كما يقول المثل تقتل الميت وتمشي في جنازته ، فنتج عن ذلك أن صار في بلاد الإسلام أنظمة حاكمة وتنظيمات متطرفة بسلوك ماسوني تستبيح دم كل من يعارضها ويهدد مصالحها ، علماً بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما مرت بجواره جنازة يهودي وقف متأثراً لأن نفساً إنسانية غادرت الدنيا قبل أن تسلم ، كما أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل نفس نطقت الشهادة ( لا إله إلا الله ) ، وكل ذلك يدل على أن هم المسلم هو العمل على هداية الناس وإنقاذهم من الظلم والضلال وقد يحتاج للجهاد في سبيل تحقيق ذلك وليس لمصلحة أخرى ، من كل ذلك فإن الحوجة إلى جمع صف المسلمين ضرورية للتخلص من الماسونية ومخططاتها لترتاح الدول الإسلامية من شرها وتنعم بالتقدم والرفاهية والإزدهار ، علماً بأن الماسونية لن تسمح بتوحد صف المسلمين وتقدمهم وتطورهم لأن ذلك سيتعارض ويتقاطع مع مصالحها لذلك ستعمل على تقتيل علماء ونوابغ المسلمين بدم بارد كما حدث في العراق وغيره من الدول الإسلامية فالماسونية لا أخلاق لها في سبيل تحقيق مصالحها .
لقد إستطاعت الماسونية بتلاعبها في مناهج المسلمين أن تشتت فكر المسلمين ليتفرق الآباء داخل الدولة الإسلامية بين صوفي وسني ودجال وتكفيري وشيوعي وشيعي وهو أسلوب فرق تسد لم تسلم منه حتى الأحزاب السياسية ، وهذا أضر بالأمن الوطني فكيف سيعتمد الوطن على تربية الآباء لأبنائهم وهم بهذا الزخم الفكري الذي يشتت وجدانهم ويعدد رغباتهم ، إن الجيل الذي سيربيه هؤلاء الآباء ويخرجوه للمجتمع سيكون مفرقاً قابلاً للإلتهاب لصعوبة الخلاف الفكري وعدم توحد الوجدان ، فمثل هؤلاء لا يطيقون بعضهم حتى في داخل الجامعات حيث أركان النقاش ناهيك عن الذين في الخارج ، خاصة وقد غاب السلوك الإسلامي وساد السلوك الماسوني حيث الكل يعمل لمصلحته ، وبهذا السلوك ستكون هنالك مشكلة كبرى في المحافظة على قيم المجتمع وتراثه بل والمحافظة على الوطن ، الأمر الذي يتطلب إعادة مرحلة تقويم الفكر والسلوك والتي يجب أن تسبق المدرسة وقد كانت تقوم بهذا الدور الخلاوي قبل الإحتلال الماسوني والذي إن كان يريد بنا خيراً لأدخل خريجوا الخلاوي للمدارس لكنه ألغى الخلاوي وأخرجها عن السلم التعليمي وإستبدلها بالمدارس لهدف ينشده في المستقبل ، وكان يتم إختيار العلماء الأجلاء المشبعين بقيم وسلوك المجتمع للتدريس في الخلاوي ليغرسوه في نفوس الأبناء ، وهذا الغرس للقيم يتم بالممارسة وليس بالتنظير كما في المدرسة ، والفرق بين المدرسة والخلوة في الممارسة للسلوك كالفرق بين حافظ التجويد نظرياً وبين مطبق التجويد عملياً إذا يصعب على الأول التلاوة عند الممارسة ، فالمدرسة تعلم السلوك نظرياً لكن الخلوة تمارس السلوك عملياً وتهذبه لذلك خريج المدرسة يصعب عليه ممارسة السلوك رغم علمه التام به ،  ففي الخلوة يتم تدريس القرآن الكريم حفظاً وسلوكاً كما يتم التعود على إقامة الصلوات وأدائها وقيام الليل بها ، ويمكن إبتكار نظام حديث يوازي ما كانت تقوم به الخلاوي قبل الإحتلال الماسوني لتقويم وتهذيب السلوك ، فالنفوس الخام تحتاج إلى الترويض والتهذيب حتى تتخلص من الهمجية والفوضى ، وهذا السلوك التربوي ليس بجديد حيث في الجاهلية كان الأبناء يرسلون مع المرضعات إلى البادية ليتعلموا قيم المجتمع وتراثه بما يؤدي إلى المحافظة على الوطن والدفاع عنه .
يعاني المسلمون من صراع حضاري أكد القرآن الكريم إستمراريته حيث قال تعالى : ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) ، ولا مخرج إلا بالتوبة والعودة إلى الله تعالى والتمسك بشرعه الحنيف وتنقيته من تحريف وتبديل الماسونية وذلك لأن مسك العصا من النصف لا يجدي ، فإما أن نأخذ الدين كاملاً أو نتركه ، فالإسلام لا يقبل أن نأخذ منه ما نريد ونترك الباقي على هوانا وهو ما أعلنه رسول الله صلى الله عليه وسلم صراحة في سورة الكافرون ، والإسلام سلوك وليس جنس الأمر الذي يتطلب الطاعة التامة للشارع الحكيم والصانع العظيم دون ضجر وتزمر لأن صانع الشيء أدرى بما يضره وينفعه ، لذلك يجب إتباع تشريعه بالصورة الصحيحة الواردة في شرعه الحنيف بالعلم وليس بالتقليد الأعمى للآباء لأن التقليد قد يؤدي للإنحراف ولو بدرجة صغيرة لكنها تكبر عند الإبتعاد بما يؤدي للخروج عن مسار الطريق المستقيم وسيسأل الإنسان يوم القيامه لوحده ولن ينفعه الآباء ولا الجنس والقبيلة فعليه بالعلم الشرعي والتطبيق العملي للسلوك الإسلامي .
                           
اللهم أحفظ بلدنا السودان ووفق ولاة أمورنا لما فيه خير البلاد والعباد وانصر الإسلام والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا يارب العالمين .

                                 5 مايو 2020 م

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سيرة ذاتية مختلفة عن الدكتورة مريم الصادق المهدي

سيرة ذاتية للاعلامية نيكول تنورى

الصاج لعمل الكسرة السودانية