كتب.. الكاتبة الصحفى ..عثمان ميرغنى..
منظمة الدعوة الإسلامية!
.
مساء يوم الجمعة الماضي وفي مؤتمر صحفي بوكالة السودان للأنباء “سونا” أعلنت اللجنة الخاصة بتفكيك نظام التمكين قراراً بحل وتصفية منظمة الدعوة الإسلامية وجميع الشركات والمؤسسات الأخرى التابعة لها.. في الحال صدرت ردود أفعال داخلية وخارجية منتقدة للقرار من زاوية أنها منظومة خيرية ودعوية لا علاقة لها بالنظام السياسي.
مبدئياً؛ صحيح منظمة الدعوة الإسلامية قامت على فكرة العمل الخيري ونشطت في مختلف المجالات داخل وخارج السودان واجتذبت تبرعات ودعماً كبيراً وأسست شركات كثيرة تعمل في مختلف الأعمال.. لكن النظام المخلوع أدمن “تفكيك” الأعمال والمؤسسات وحتى النوايا الطيبة وتحويلها إلى مؤسسات صورية تحمل وجهاً وتضمر عملاً يخالفه.
والدليل على ذلك، في عز حرب المفاصلة بين مجموعة القصر ومجموعة المنشية كانت منظمة الدعوة واحدة من ميادين المعركة حتى وصلت مرحلة اعتقال الأمين العام للمنظمة بخلفيات أن المنظمة تعمل وتدعم أجندة مجموعة الترابي ضد مجموعة البشير.. كان واضحاً أن نظام الإنقاذ نفسه يستريب من الدور السياسي الذي يتستر خلف الأجندة الخيرية للمنظمة.
وفي الحقبة الحزبية الثالثة (1986-1989) تعرضت منظمة الدعوة الإسلامية لنفس الاتهامات من جانب الحكومة، بل وأُلغِيَ اجتماع مجلس الأمناء بحيثيات هذه الهواجس والاتهامات.
كان النظام المخلوع يتبع خطة غريبة لأبعد حد، في الوقت الذي يجتهد فيه ويستخدم موارد الدولة لمنع المجتمع السوداني من ممارسة النشاط الخيري والأهلي، يمعن في تأسيس واجهات من منظمات المجتمع المدني التي تحمل لافتات خيرية وتطوعية بينما هي في حقيقتها سياسية تؤدي أدواراً مرسومة بعناية للسيطرة على المجتمع وتكسيح قدرته على الحركة الذاتية، فنشأت كثير من منظمات المجتمع المدني بعيداً عن سجلات الشؤون الإنسانية بعدما يئست من الحصول على الترخيص.
خلال مشاركتي في مؤتمر إقليمي لمنظمات المجتمع الأفريقية لفت نظري أن الغالبية الكاسحة من المنظمات السودانية التي شاركت وتسيطر على فضاء التعاون الإقليمي والدولي وتحتكر العون الخارجي كلها حكومية قلباً وقالباً. كان واضحاً أن النظام المخلوع يستغل العمل الإنساني لأجندة سياسية، وللأسف غالباً أجندة تستهدف إفراغ قدرة المجتمع في ممارسة عمل جماعي منظم مؤثر على الصعيد الداخلي، ربما خشية أن يقوى المجتمع في مواجهة النظام.
بكل يقين الذي (فكك) منظمة الدعوة الإسلامية ليست لجنة (التفكيك) بل نهج النظام المخلوع الذي حرص على تدمير مؤسسات الدولة السودانية باستغلالها في الأجندة السياسية وإفراغ مضمونها المجتمعي الخيري.
صحيفة التيار
تعليقات
إرسال تعليق