وزير خارجية السودان فى عهد الرئيس الراحل نميرى..منصور خالد..









*منصور خالد يكتب ويوضح*
افتقر الإعلان(الدستورى) لأي منهج لتحديد مهام فترات الحكم الإنتقالية وخلط خلطاً مريعاً *(أسهم فيه الغرض وضعف الخبرات)* بين تلك المهام ومهام الحكومات *ذات التفويض الإنتخابي.*
لو إهتم قادة الحرية والتغيير قليلاً بقضية الحكومة الإنتقالية بما يتجاوز *تسكين أنفسهم وأصدقائهم في الوظائف السامية* وتوفروا لبضعة أيام للقراءة والتأمل في إرث العالم من الحكومات الإنتقالية لأدركوا بكل بساطة *أن الحكومات الإنتقالية هي نسق قانوني مؤقت لأداء مهام محددة* لا تشمل بأي حال من الأحوال القائمة الضخمة للمهام التي قرروا وضعها على ظهر حكومتهم المشتهاة. *بإستثناء البند الرابع* المتعلق بالإنتقال من نظام الحزب الواحد *والبند التاسع* المتعلق بعقد المؤتمر الدستوري فإن أغلب المهام المذكورة *تدخل في صميم واجبات الحكومات المنتخبة.*
وردت فقرة غامضة عن *وقف كافة الإنتهاكات ضد الحق في الحياة فوراً،* وهذه العبارة مقصود بها في أدبيات حقوق الإنسان إلغاء العمل بأحكام الإعدام وأغلب الظن أن ورودها بهذه الصيغة كان *مقصود به مغازلة المنظمات الحقوقية الغربية* لأن هذه النقطة على وجه التحديد لم تثر في مطالب المتظاهرين ولا في برامج القوى السياسية، والسؤال هو هل كتبت هذه الفقرة، بل كل فقرات الإعلان، استجابة لحاجة ومطالب الجماهير أم *ما تيسر فقط في أذهان الذين كتبوها؟*
إختتم الإعلان فقراته بالتأكيد على أنه يبقى مفتوحاً للإضافة دون تحديد اي صيغة للتوافق على الإضافة، وهل ستتطلب الإضافات إعادة توقيع الجهات الموقعة وما إلى ذلك من الإجراءات النظامية التي لم يسعفها *قلة زاد الكاتبين من التجربة السياسية، وقلة محصولهم من المعارف الوافرة في هذا الجانب.*
***
يجدر التكرار هنا في ظل سطوة *محاكم التفتيش* السياسية الحالية أن نقول أن عملية فض الإعتصام وما صاحبها من قتل للأنفس البريئة تعتبر جريمة متكاملة الأركان ولا بد من تحقيق ومحاكمة المتورطين فيها ولا بد من كبح جماح وضبط القوات التي تتحرك الآن في الشوارع بحيث تتعامل وفق ضرورات حفظ الأمن في الأماكن السكنية دون تحويل هذه المناطق الى ساحات للحرب والعمليات. اتفقنا؟
صاحبت عملية الإعتصام في ميدان القيادة العامة أخطاء فادحة *يتحمل مسئوليتها قادة تحالف الحرية والتغيير الذين باعوا الجماهير بضاعة فاسدة بأن البقاء في الميدان* هو المفتاح الوحيد للضغط على المجلس العسكري لتسليم السلطة لهم (ولهم وحدهم فقط) دون أن يشرحوا للجماهير أن *قدرتهم على لي ذراع الجيش والقوات النظامية الأخرى محدودة للغاية.*
استخدمت ساحة الإعتصام المواجهة لمبنى القيادة العامة للجيش كمنصة لإستفزاز الجيش والإساءة إليه من خلال المايكرفونات واستضافة قادة الحركات المسلحة الذي يواجهون الآن نفس هذا الجيش في مناطق العمليات ويرهقون البلاد شططاً ويستنزفون مواردها. ما كان من اللائق السماح بإحتفالات عملية الذراع الطويل وهي التي قدمت فيها القوات النظامية شهداء وجرحى دفاعاً عن أمان واستقرار من اعتصموا في الميدان! ما كان من اللائق رفع شعارات القوى المسلحة المتمردة والتغني ببطولاتها وأمجادها! ما كان من اللائق السماح للعديد من رموز العمل المسلح المتمرد على الدستور والقانون أن يشاركوا في فعاليات الإعتصام وأن يتجولوا فيه كمنطقة محررة أمام سمع وبصر حراس الدستور والقانون وحماة الأرض والعرض و(الحارس مالنا ودمنا) كما تسميهم أدبيات السلطة والتيار الرئيسي في المجتمع. كان على قوى الحرية أن تحدد موقعها من العمل المسلح ضد الدولة كأولوية ملحة.
*ساهم قادة الحرية والتغيير في استخدام فئات ضعيفة وحرقها كوقود بشري رخيص الثمن فقد سمح بمشاركة أطفال كثر في الإعتصام* بل في أنشطة الإعتصام من حراسة للمتاريس وتفتيش وهتاف وغير ذلك وهو عمل يفتقر للحكمة والإستقامة والأخلاق. كما سمح بتجييش الفقراء والمعوزين والمشردين والكثير من فئات المجتمع الأقل حظاً واستخدامهم كارقام فقط لزيادة عدد المعتصمين، وسمح بجذب تلك الفئات بتوفير الغذاء والمأوى والحصص الدراسية والإدماج المؤقت في المجتمع مقابل المشاركة في الإعتصام. لقد قضى العديد من الأطفال والضعاف نحبهم  او اصيبوا بجراح في الجسد أو في الأرواح كما تنقل الأخبار من ساحات الإعتصام *ودون أي محاولة لتبرئة من أطلق الرصاص عليهم فإن العدل يستوجب محاسبة من سمحوا بوضعهم أمام الرصاص بينما احتموا هم أنفسهم بالسواتر الخرسانية.*
***
ثم ماذا بعد؟
لن تنجح الوساطات (دولية أو محلية) في التقريب بين المجلس العسكري الإنتقالي وقوى الحرية والتغيير وهذا أمر متعلق بديناميات النزاعات والتفاوض سنعود إليه في كتابة لاحقة لذا فإن التعويل على وساطة رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد أو وساطة دول الترويكا وغيرها هو محض غرس لا يجدي ولا يرجى له ثمر. *على جميع الأطراف العودة الآن بشكل عاجل للتفاوض والتوافق على قضايا رئيسية وهي الإعلان الدستوري* الذي ينبغي أن يكون الحكم بين مؤسسات السلطة الإنتقالية ، *وتشكيل الحكومة، وتأسيس جهاز تشريعي محدود العدد* بحيث يشمل تمثيلاً متوازناً لجميع القوى السياسية والمكونات الإجتماعية السلمية والتي توافق على الإعلان الدستوري وليس حصرياً فقط بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ منقول عن
دكتور منصور خالد

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سيرة ذاتية مختلفة عن الدكتورة مريم الصادق المهدي

سيرة ذاتية للاعلامية نيكول تنورى

الصاج لعمل الكسرة السودانية