كتب حافظ حسين مقال حول الهجمة القاسية على حمدتى

ليس كما تظنون
فاطنة شنقراي جعلية الأصل و بجاوية بالتجنس .... لم تبلغ الخامسة عشر من عمرها عندما ضاقت زرعاً بقيم القبيلة و اختارت صعب الدروب و أوعرها, بالتراب مرغت شرف القبيلة... هربت و وقتها الهاربات لا خيار لهن سوى الاقتياد على اثدائهن و لكنها وصلت مضارب طوكر و ثدييها مكتملين...... ابو علي شيخ الرعاة و زول الخلا عندما احتمت به فاطنة الهاربة لم يطردها, كما لم يخفيها خلسة عن اعين فرسان قبيلتها الذين اقسموا ان لا يستريحوا ما لم يغسلوا العار بالدم ...كل ما فعله زول الخلا هذا وهبها ظل تحت سقفه و بقرة حلوب تعيش منها الى ان يجعل الله لها مخرجاً... لم يقف عند هذا الحد و انما ركب الناقة ( و الناقة متين تلدي و الكنغو حرق قلبي), ركب الي ديار الجعليين... ما تم بين الجعليين و البجا ظل في الصدور و مات به المفاوضون.... لكن المحصلة النهائية برضا و مباركة الطرفين فاطنة شنقراي صارت بجاوية تتمتع بكل ما تتمتع بها  البجاويات... عندما مات ابو علي ادخلت لأول المرة اللغة العربية في مناحة الكبور التي تقال فقط بلغة البداويت حينما ناحت  معددة محاسن حاميها ببكائية خلدت في الكبور البيجاوي ......
(يا حليل ابو علي في محكر الاخوان
صدرو حلة و سوق  و ما بدخلو انسان
كم دنقر دقون و المظلوم يطيب عجلان
شعبتنا القوية و ركزتنا في الديوان
اورنيكك نضيف ما طلع وسخان)
ابو على بكل هذه الصفات القيادية لا ينفع ان يكون ضمن منظومة ادارة بلاده فقط لانه راعي و زول خلا .... و تتعدد حكم و دراية الرعاة و ناس الخلا  فهنالك الناظر العجب الذي تقول عنه جدتي (عجب الدنادر اب سيفاً للظلم باتر),,, حكيم المسيرية بابو نمر (بابو نمر اب بالا كمين متر), المك عدلان المرق منك طيبان, العمدة بليلو و القائمة تطول و تتعرج من حكماء الرعاة و ناس الخلا... فبرنامج الحقيقة و المصالحة الذي يحج اليه مثقفو الغفلة و الحيرة كل عام الى كمبالا و نيروبي و منه يأتون بكلمات انجليزية جديدة عليهم لا أكثر .... البرنامج الذي اتوا به منزوع الدسم من كل معاني العدالة فيه... هؤلاء المثقفون اذا كانت لهم قدرة الاستماع لناس الخلا هؤلاء لطوروا برنامج للحقيقة و المصالحة سودانيا يراعي خصوصيتنا عوضا عن حفظ و تسميع روشتات لندن و نيويورك ( الحقيقة و المصالحة, multi culturalism  , الحقوق الحقوق و الخ) .. اذا استمعوا جيدا لصوت الحقيقة في بيئتهم لعرفوا كيف يحل هؤلاء الرعاة و أهل الخلا المعارك التي تنشب بينهم في جلسات تفاوض تعقد و تنفض ... تعلو الاصوات و تنخفض ... يتغير تيم التفاوض من وقت لأخر و هكذا الى ان يصلوا لحلول ترضي الاطراف و تجبر بعض الضرر.... نعم القول ليس بهذا الإطلاق فهؤلاء ناس الخلا و الرعاه فيهم انتهازينهم و منهم الحرامي و القاتل... هذه التناقضات التي بموجبها رفض اليسار ممثل في شخص نميري وقتها الادارات الأهلية و حلها و اليمين ممثلا في الجبهة الاسلامية لعب على هذه التناقضات و عمقها ... فكل المطلوب الأن عدم التعميم المخل و دراسة هذه المجتمعات بتروى دون اقصاء مسبق....
ما دعا لكتابة هذه المقدمة الطويلة هو الهجمة على مهنة الرعاة و ناس الخلا متخذين من حميدتي تختة جيدة للتنشين ... و قبل المواصلة لابد من التذكير ان حميدتي به مصائب الدنيا المتلتلة يمكن ان يعير بها خلاف مهنته كراعي او منحدره الاجتماعي كزول خلا ساي ... لكن لماذا كل هذه الإصرار بتعييره بمهنته و منحدره الاجتماعي؟  المحزن و المبكي ان هذا التعيير جاء من نساء و رجال من من يعتبرون انفسهم حراس الاستنارة و قيم الحقوق ... بمناسبة او غيرها يتحدثون عن المساواة, الحقوق, التعدد الثقافي و ايييييييييييك ... على العموم الخيول الجيدة تظهر عند اللفة و لكن خيول المثقف السوداني ظهرت في السهلة.... و قامت قيامته و لم تقعد و هو يلعن حظه العاثر رماه في راعي أمي كي يحكمه... التراجيديا نفس هذا المثقف بزقاق آخر يفتخر ان نبيه كان راعي و امي و يشرفه جدا ان يكون أحد اتباعه و مريديه .... لم افهم مثل هذا الجنون؟
يواصل هذا المثقف في الهجوم على الرعاة و لغتهم  و ناس الخلا باطرف ما يكون حين يتندر احدهم على لغة حميدتي في حوار في أحدي الفضائيات قاصدا قوى الحرية و التغيير (الناس ديل نحن سارحين بيهم) و ما اشبه الليله بالبارحة و من شابه اباه فما ظلم ....  محمد أحمد المحجوب رب الاستنارة النسخة السودانية طبعاً ...في رده على مرافعة مقدمة من احد النواب من دارفور, نسى كل المرافعة و رده انحصر فقط في نطق الكلمات بشكل غير صحيح و في النهاية انتصر على هذا النائب و نصحه بان يتعلم اللغة العربية اولاً و بعدها يفكر في دروب السياسة الوعرة هذا ما اتفق فيه المحجوب مع بعض رواد الاستنارة الحاليين... على العموم عبارة (سارحين بيهم) لا مضحك فيها سوى اختلافها و هذا الاختلاف فقط كمن في انها لم تأتي من النادي السياسي السوداني المتعارف عليه .... و(سارحين بيهم) في هذا السياق تعني متابعتهم... نفس هذه العبارة اذا قالها طبيب مستخدما لغته المهنية, باعتبار ان اي مهنة تنتج مفرداتها المرتبطة بها, فمثلا عبارة (سارحين بيهم) اذا قالها طبيب بمعني مثل  on follow-up  فالامر لا يثير الاستغراب او الاستهجان و العكس قد يكون محل استحسان (يا سلام قائدنا بعرف انجليزي كويس) ....
لماذا هذا الرفض العدمي لماذا هذا الرفض العبثي؟!!!!
المثقفون في هذه البلد السنيحة لهم قدرة و قوة عين على تبرير الذي لا يبرر بصورة لا تصدق و في الغالب يتشبثون بالقشور عوضاً عن الجزور ... فمثلا عندما تسألهم لماذا هذا الرفض؟ في الحال يلوحون بقميص عثمان و انه كيف قتل اهلنا في دارفور؟ و كيف فعل و كيف ترك؟ ... لكن بقليل من الامانة ان حميدتي اتم ما بدأته الدولة العنصرية و اذا كانت هنالك محاسبة فاولي بها الفيل من الظل .... اهلنا في دارفور قص ظهرهم الطيران و هذا الحميدتي لا يملك طائرة ورق.... من الذي خطط و شرع للقتل ... و ماذا عن المجرم الأول الذي تحالفت معه قوي اعلان الحرية .... و ماذا الكثير و ماذا فعلتم عندما كان الانتوف تزغرد في اذان اهل دارفور قبل حميدتي؟!!!!
الرفض الاساسي في تقديري كامن في راعي و زول خلا ليس أكثر ... لان حميدتي ببساطة خارج النادي السياسي المتعارف عليه سودانياً او خارج مجموعة الالف نفر, كما المصطلح  الذي صكاه احمد الشريف (امادو) بذكاء و حصافة يحسد عليها..... فهذا الراعي او زول الخلا منه لا يرى سوي جلبابه المتسخ و جرجرة الكلام  لا يرون عن قصد و عمد كيف يتعامل بحكمه في حلحلة مشاكل يصعب اشرس مفاوضي القصور في تخيلها ناهيك عن حلها ..... الراعي او زول الخلا احمر البول و العينين شارك البياطرة مهنتهم فهو يعرف متى تحيل الناقة و يتنبأ باوبئة حيوانته قبل وقوعها.... زاحم اهل الفلك في علمهم فيعرف برق المطر و برق الخلب و يضع تحوطاته الممكنة و المتاحة.... فهو ببساطة اكثر تعقيداً و عمقاً من النظر اليه فقط من جلبابه المكرمش.
الذين لا يعرفون مدارة الكلام و هؤلاء الاصدق فدون مواربة يقولون ( في ما في زول سألوه لو اشتغل في بهايمه و زراعته لكن يقول داير يحكم كلا و الف كلا) لعمرى هذا تبرير اقبح من الهجوم .... لماذا لا يكون لهذا الراعي او زول الخلا  باع في الطريقة و الكيفية التي تدار بها بلاده؟!!!.... اليس هو مكون من المكونات الاجتماعية؟ أما دوره فقط يجب ان يحصر في رفاهية انسان المدينة بإنتاج الطعام و دولارات الصادر التي لا يعرف حتى شكلها؟ و نحن نرفض الاقصاء؟!!!!
في الختام يجب ان نعلم جميعاً ان الراعي و زول الخلا ... ليس كما تصوره نكات محمد موسى التافهه و أو ذاك الرجل الفلكلور الذي يظهر راقصاً بملابسه المزركشة في تلفزيون السودان في الاعياد القومية أو اعياد الحصاد بعض المرات ... زول الخلا هذا يجب ان نتجاوز مفرادته اللغوية و طريقة لبسه فهو اكثر عمقاً و تعقيداً من هذا.... و رفض حميدتي يجب ان لا يرمي بنا في دائرة التمييز السلبي للأخرين بناء على مهنهم او اي شئ ليس لهم فيه يد... فاليوم قد نتوافق على رفض الراعي ان لا يكون ضمن المنظومة السياسية .... غدا المزارع و بعد غدا العامل و هكذا تتناسل مسبحة التمييز التي يوقفها الجليل...

حافظ حسين

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سيرة ذاتية مختلفة عن الدكتورة مريم الصادق المهدي

سيرة ذاتية للاعلامية نيكول تنورى

الصاج لعمل الكسرة السودانية