خطاب الرئيس جعفر محمد نميرى من المنفى..





فى 17 رجب 1405..الموافق 8 من ابريل 1985 ...من القاهرة....كتب المشير جعفر محمد نميرى وهو فى المنفى خطابا الى قائد

جيشه المشير سوار الذهب...وهو بمثابة وصية الى المشير سوار الذهب من قائده الاعلى جعفر محمد نميرى..وهذا للتاريخ

والتاريخ لا يرحم..قال فيه

الاخ الزميل  الفريق عبد الرحمن سوار الذهب

السلام عليكم ورحمة الله

اكتب اليك من موقع  من الغربة عن وطنى والاعزاءمن اهلى..وابنا وطنى  الغالى ,متفهما فى كل الحالات ما قمتم به ,والذى

اثق ان هدفه الحفاظ على  السودان ووحدته, اضافة الى الحرص على عدم اراقة الدماء , والحفاظ على وحدة الوطن والمواطنين.

لقد عايشت انت اخى زميلا ومناضلا ومشاركا ,فى انجازات ثورة مايو ,اضافة الى انك شاركت فى مواجة مصاعب ومنعطفات

تجاوزتها هذه الثورة,ولقد كنت فى كل الحالات زميلا مشاركا الى الحد الذى كانت في القرارت , التى اصدرتها قبل مغادرتى

الخرطوم,هو اعطاء المسؤولية الك الكاملة لقيادة قوات الشعب المسلحة,وتامين دورها فى الحفاظ على وحدة المؤسسة القومية

الام فى السودان . وهى المؤسسة التى تنتمى تشكيلا لكل السودان ,تفتدى ولاء سيادة ووحدة السودان.

لقد عاشت بلادنا اياما مضطربة واحداثا متلاحة بعضها لا بد لنا فيه ,كتفاعلات الازمة الاقتصاية العالمية, والجفاف والتصحر

ونزوح مئات الا الاف من الاجئن من خارج السودان تنقلا بين مختلف  اجزائه , اضافة الى حجم الشر من الخارج وضراوته

والتنظيم من بعض الفئات من الداخل...لقد عا يشت الخرطوم ظروفا اقول بالحق والامانة اننى لم اكن متابعا تفاصيلها لا حجمها

وتاثيرها.والعكس صحيح,فلقد  كان مايصلنى من مختلف السودان مصادره تؤكد السيطرة على الموقف, كما تؤكد ولاء القوات

المسلحة للسلطة الشرعية..فى اطار هذه المعلومات كان رايى ان اعطى الفرصة للمؤسسات ان تقوم بدورها , وان  لا تتم معالجة

كبريات القضايا واصاغيرها بوسطة التدخل المباشر, والوجود المباشر للقيادة العلياء الا انك على كل حال كنت الاقرب والاعلم

بتصعيد الاحداث ومخاطر امكانية اختراقها وتوجهها لغير صالح السودان وخدمة لغير مصالحه...ان قوات الشعب المسلحةا التى

اتشرفت بالانتماء اليها انما كانت وستظل تاكيد لدورها القوى لحماية السودان ,من المخاطر .واذا كان لى بحكم المواطن وازمالة ان

اتحدث اليك عن همومى فاننى اطرحها على  النحوى التالى ...1-ان المسسات التى اقامتها الثورة انما ستظل ركيزة الوحدة الوطنية

وبديلا بغيرى بدي للتشتت والتجرئةوتعدد الولاءات ,والتى وهى مدخل الخطر على بناء الامة السودانية..

2- ان صيغة التحالف كانت ولسوف تبقى هى التى تضفى  شرعية  مشاركة القوات المسلحة فى السلطة بل  اشكالها سواء كانت

تشريعية او تنفيذية اوسياسية...3- انك كزميل شارك فى كل ماحققته الثورة لتدرك ان الحكم الاقليمى لم يكن اضافات للسلطة

المركزية وانما كان نزوعا لتحقيق اكبر قدر من لامركزية السلطة ,وبحيث يكون الحكم  الاقليمى هو البديل الذى يستوعب

التنوع الثقافى والعرقى والاقليمى فى السودان..ولذلك فان الحكم الاقليمى كان جسرا وحصنا ضد نزاعات والانشطار والتمزق ,

وخلق دويلات خارج نطاق الوطن الواحد بل خروج عليه..

4-ان وضعك كزميل فى القوات المسلحة انما اتاح لك اكبر قدر ممكن من التعرف على حجم التامر الخارجى وتمويله وتنظيمه

واهدافه التى اسفرت عن وجهها فور اعلان تشكيل مجلس  القيادة  برئاستك وذلك من حينها من جون قرن رسالة تطلب فيها

التفاوض مع الحكومة الجديدة فى السودان ,فى محاولة للايحاء بان حركة جون قرن تعمل تحت  وصاية القذافى ..

كذلك ما اذاعته اذاعة طرابلس من مطالبة للحكومة الجديدة فى الخرطوم ان تحد من علاقتها مع  مصر وان ترسل وفدا عسكريا يلتقى

النصح  والارشاد من سعادة العقيد القذافى بطرابلس..

الاخ الزميل الفريق اول عبد الرحمن سوار الذهب

فيما يتعلق بشخصى فاننى اؤكد لك اننى واحد من ابناء هذا الوطن  الذى لا يقبل  والا يرضى ان يكون ماواه خارج تراب وطنه

او يكون قبره تحت غير ثراه , لقد اعطيت عمرى لهذا الشعب وشبابى , وارتهنت مصيرى لغاية وحدة, هى تحقيق وحدة السودان ,بل

صيا غة وحدة ما كان قبل مايو الاممزقة ولسوف تظل بانجازات مايو موحدة باذن الله..لقد غالبت وتغاضيت عن متطلبات تتطلب

رعاية معقولة لصحتى.ولكن منذ متى كان للثوار طموح غير اوطانهم , ومتى كان لهم غير التطلع لشرف الشهادة...

قلبى معكم ايها الاخ الزميل

ان النجازات التى شاركت فيها بشخصك كقدوة ,ثم شاركت فيها حينها فرضتها فطرة الشعب طرحا للنهج الاسلامى واحتراما

ورعاية للاديان والمعتعقدات الاخرى بالسودان,وذلك ماتقبله شعبنا تنظيما لحياته الاجتماعية والاسرية والخاصة هى انجازات

ضخمةلا شك انكم ستحافظون عليها..

الاخ  الزميل الفريق اول سوار الذهب

كمواطن اقول لك هدف الاهداف بالنسبة للقوى المعادية للسودان فى الداخل والخارج هو فصم العلاقة بين السودان ومصر

وهى علاقةتتعدى القيادات العليا فى البلدين ,ذلك انها علاقات شعب واحد ومصير وامن مشترك..

الاخ الزميل الفريق اول سوار الذهب..لقد بذل من تولى موقعا خلال المرحلة السابقة جهده بقدر ما يتحمل ويطيق ,ولذلك

فان حماية المسؤولين السابقين وفى كل المستويات وخاصة اسرهم من احتمالات التنكيل او اساءة السمعة سوف تظل مسؤوليتك

الاولى,مسؤوليتك كشريك شارك هؤلاء مسؤولية العمل العام كما انها مسؤوليتك كسودانى اعرف اصالتهواعرف انك بخلق ونشاتك

لا يمكن ان تسمح بتصفية حسابات شخصية تحت هياج عام مؤقت..

واخيرا  فاننى مجرد من جميع الدوافع الذاتية لا يعلو عندى الا مصلحة السودان وشعورى ان اكون عاملا فى اخر صفوفه بقدر

ما اتحمل انما هو دور متصل ولا ينقطع الى ان يسترد الله سبحانه وتعالى وديعته,وهناك فى رحاب الله بالحق عدل الحساب..

متمنيا لكم التوفيق والنجاح,مشددا على الحرص على  الوحدة الوطنية , محزرا من احتمالات الانزلاق الخطر الى التجزئة والتشت

ذلك ان عطاء شعب وثورة على مدى خمسة عشرة عاما انما كان عطاء شهداءوعطاء دماء وعرق وجهد ,اضافة الى انه  ثراث

باق لا ينضب...

الاخ الزميل الفريق اول سوار الذهب

مكانى فى السودان , وانت تعلم وقبرى تحت  ثراه,ولائى وحياتى كانت وستكون ..لقد كانت رحلتى الاخيرة للولايات الامريكية

المتحدة هى الجانب الاول منها لفحوصات طبية ,وفى الاهم والاعم فيها المعالجة وقضايا السودان الافقتصادية..ولقد نجحت فى

تحقيق ذلك بحمدالله ..وعليكم واجب المتابعة والتطوير..ذلكان وضع السودان الاقتصادى كما تعلم بالغ الخطر,وهو وضع لايمكن

معالجته الابالتناول العلمى والموضعى لاسباب علاجه ..

الاخ الزميل الفريق اول سوار الذهب

انه ليسعدنى ان تواصل دورا بداناه سويا لوضع حد الفرقة والانقسام بين  جنوب الوطن وشماله وتنوعت المسالك,الا ان الهدف وحدة

السودان بالحوار  ولتحقيق السلام كانت وينبغى ان تظل من اهداف السودان  الكبرى ومن اولى اولوياته .مؤكدا ان جهدا لى متواضعا

ومحددا فى خدمة السودان  قدر طاقتى واجتهادى انما يحتم على شخصى ان اكون سندا لما يوحد خصما اكثر مما يفرق,تلك

مبادئ مايو الثورة التى  تشرفت بقيادتها ..

وفى النهاية اسال الله لكم التوفيقوالسداد خدمة لسوداننا الموحد العزيو..

اخوك

جعفر محمد نميرى

(لودامت لغير ما الت اليك)


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العالم السودانى معز عمر بخيت

سيرة الشيخ الفاتح البرعى