مقال من صفحة هاشم الرشيد..

*مقال ليس للقراءة فقط. بل أنصح الجميع الإحتفاظ به...*
في يوم ١٣ اغسطس٢٠٠٧م قادت الصدفة وحدها قوات الشرطة الى القبض على خلية نشطة منتمية لتيار تكفيرى متشدد بحي السلمة جنوب الخرطوم  عندما انفجرت أسطوانة بها مادة نتروجلسرين شديدة الانفجار عن طريق الخطاء مما أثار رعب سكان الحي
حضرت الشرطة ووجدت داخل المنزل المستأجر بواسطة أعضاء الخلية على المئات من العبوات المعدة التفجير  وكمية من الدانات والأسلحة وتم القبض على أعضاء الخلية التي كان يتزعمها  شاب من أبناء حي الرياض الخرطومي يحمل درجة الدكتوراة في الكيمياء الحيوية يدعى أسامة أحمد عبد السلام وكان من ضمن أعضاء الخلية أيضا كل من عمر عبد الحي يوسف (ابن شيخ عبد الحي يوسف) ووحيد عز الدين ومحمد مكاوى وعبد الباسط حاج حسن وآخرين
عند التحري معهم اتضح أن معظمهم  من أبناء قيادات في التنظيم الكيزانى الحاكم حينهامما سبب حرج لهم  فكان لابد من إيجاد مخرج فالجرم عظيم والعقوبات ستكون قاسية اذا طبقت  فسعوا لايجاد مخرج فكان المخرج عن طريق ما سمى حينها (المراجعات) وهي لجنة شكلت من عدد من علماء السودان لمحاورة ومناصحة الشباب ترأسها عبد الحي يوسف ومعه كل من شيخ خالد عبد اللطيف وشيخ عبد الجليل الكارورى  وشيخ حسن رزق وآخرين  وقامت اللجنة بمحاورة الشباب واوصت بضرورة إخلاء سبيلهم لأنهم حسب رأيها  قد رجعوا  الى طريق الوسطية وتركوا طريق التعصب والتشدد  الذى يؤدى إلى التكفير والتفجير .
إذن عندما أخطاء ابن عبد الحي يوسف كان رد فعل عبد الحي يوسف هو ايجاد مخرج لابنة مستعينا بزملاء المهنة فلا عبد الحي يوسف قال : قول الرسول الكريم: (لوسرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها) ولا المستعان بهم من علماء قالو قول الرسول الكريم (انما أهلك الذين قبلكم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد) 
ضربوا بالعدل عرض الحائط  وهم الذين يقولون في كل خطبة قول الله تعالى: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) العدل الذي لو طبقوه لكان أقاموا أهم مقصد من مقاصد الشريعة التى يتباكون عليها، العدل الذى هو من أهم أسباب إرسال الرسل لقوله تعالى (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط)
تركوا وأخرجوا الشريف  ومن معة من أبناء القيادات، لكن السؤال هل ابتعدوا فعلا عن طريق التكفير الذى يقود للتفجير ؟
الإجابة أتت سريعا في مطلع عام ٢٠٠٨م عندا قامت مجموعة بإغتيال الدبلوماسي الأمريكي ومعه سائقة السودانى الشاب عبد الرحمن عباس (أب لطفلين)  وعند التحريات اتضح أن المنفذين كانو من ضمن أفراد خلية السلمة، المفرج عنهم بموجب المراجعات، وهم محمد مكاوى وعبد الباسط حاج حسن ومهند عثمان، طبعا لم يستطع التنظيم حينها اللجوء  للمراجعات مرة أخرى لأن أحد الضحايا أمريكى فتمت محاكمة المنفذين وحكم عليهم بالاعدام، ولكن تم تهريبهم من سجن كوبر
وفى عام ٢٠١٢م، قام سبعة من أعضاء خلية السلمة يتزعمهم أسامة أحمد عبد السلام ومعه وحيد عز الدين وآخرين بلغ عددهم ٧٠ بتشكيل ما عرف حينها بخلية الدندر وقاموا بمهاجمة نقطة للشرطة بمنطقة الدندر بولاية سنار وقتلوا أحد أفراد الشرطة واستولوا على سلاح وأزياء عسكرية وأقاموا معسكراً للتدريب حتى تم القبض عليهم واتضح أيضا أن المنضمين الجدد من أبناء قيادات الحركة الإسلامية، ووجهت لهم الكتير من المواد الجنائية من قتل عمد ونهب واستخدام الزى العسكرى وغيرها من مواد  عقوبتها الإعدام فتحرك التنظيم ولجأ للعبتة المفضلة وتم تشكيل لجنة المخارجات (المراجعات)  برئاسة شيخ عصام أحمد البشير وسليمان عثمان وأوصت اللجنة كالعادة  بضرورة إطلاق سراح المتهمين، وقد كان فتم الإفراج عنهم في وقفة عيد الفطر  ليعودوا برفقة أسرهم
فى عام ٢٠١٧م أجاز البرلمان السودانى بالأغلبية للحكومة التعامل بالقروض الربوية، وعندما اعترض بعض الأعضاء قال لهم وزير الأوقاف حينها د. عصام أحمد البشير أن لديهم فتوى من مجمع الفقة الإسلامى، تجيز القروض تحت فقه الضرورة، علقت حينها النائبة بالبرلمان نوال خضر (أول مرة أعرف أن هناك من يجيز ما حرم الله) وتبعتها زميلتها بالبرلمان سعاد الفاتح قائلة قولتها الشهيرة ( يخسي عليكم)
إذن رغم أن القران تحدث عن الربا  اثني عشر  مرة، ثماني منها نصا وأربع اشار له فيها ورغم ان القاعدة الفقهية تقول (لا اجتهاد مع نص) حلل علماء الكيزان الربا .
وفي عام ١٩٩٦م نشرت مجلة vanity fair الأمريكية خطابا لمدير جهاز المخابرات حينها قطبي المهدي، يعرض فيها على أمريكا تسليم أسامة بن لادن بدون أي مقابل واعتذرت أمريكا حينها، معللة بأنه غير مطلوب لديها وأكد هذة الرواية الشيخ إبراهيم السنوسى  في مقابلة معه على الجزيرة نت، وقال: ( عرضنا على أمريكا تسليم ابن لادن وردت بانه غير  مطلوب لديها )
إذن في ذلك الوقت عند حكومة الكيزان المتأسلمين، كان يجوز تسليم المسلم للكافر تقربا وذلفى حتى وإن كان غير  مطلوب من محاكم دولية .
وعنما طالبت المحكمة الجنائية الدولية بالبشير، أخرج المتأسلمون سلاحهم المفضل اللعب بالدين وخرج علينا شيخ عبد الحي يوسف بصفته نائب رئيس هيئة  علماء السودان في فبراير  ٢٠٢٠م  على قناة الجزيرة قائلا : أنه لا يجوز تسليم مسلم لكافر مع العلم أنه حينها تركيا التى يقيم فيها عبد الحي يوسف ارتكبت واحدة من أبشع الفظائع وهي تسليمها الألاف من الأبرياء الايغور الذين فروا إليها هربا من مذابح النظام الصيني ضدهم ظنا منهم أنهم لجأوا الى بلد مسلم، يحكمها حزب محسوب على الإسلام  فتم تسليمهم فى واحدة من أبشع وأقبح الصفقات عندما قايضهم النظام التركي باستثمارات صينية في البنية التحتية التركية، ولم نسمع صوت عبد الحى يوسف وزملاءه فى أي قناة يستنكر فعل النظام التركي . 
فى عام ٢٠١٨م كشفت عضو أمانة المؤتمر  بالتزكية بالمؤتمر الوطنى د / نوال مصطفى ظهور حالات إلحاد وسط أبناء قيادات الصف الأول من التنظيم مما شكل صدمة كبيرة وقالت :
(إن الإلحاد ظاهرة غير بعيدة وموجودة في فضاءت المجتمع السودانى ووسط أبناء قيادات الصف الأول و التنفيذيين وبينهم من يحفظ القران الكريم)
وعلقت حينها القيادية بالمؤتمر الوطنى د/إنتصار أبوناجمة قائلة:
( هناك مشكلة في تربيتنا نحن لأبنائنا نحن أديناهم حماية زائدة  ولا توجد ضغوط عليهم)
لكن كان أقوى تحليل لظاهرة إلحاد أبناء المتأسلمين هو ما ذكرته الكاتبة رشا عوض عندما قالت :
(إن أحد أسباب كفر أبناء الإسلاميين بالدين هو ما شاهدوه بأم أعينهم من تسخير للدين لخدمة المصالح  الدنيوية بشراهة وتكالب وتهافت وهم بحكم قربهم من مسرح الجريمة والتصاقهم بأبطالها أقدر وأكثر من غيرهم على كشف التفاصيل الصادمة من الإنحطاط الأخلاقى والقيمى لديهم)
قد يسأل سائل لماذا سكت علماء السودان وهم من أشرفوا  على كتابة المادة ١٢٦ من القانون الجنائي السوداني التي تنص على إعدام المرتد بعد استتابته لثلاتة أيام فإن عاد وتاب ، يسجن خمس سنوات تعزيرا
الإجابة بكل بساطة يا عزيزي السائل أن المادة دي كانوا عاملنها لاستغلالها سياسيا لتصفية الأعداء ولم يتوقعوا أن تنطبق على الابناء .
المضحك في الأمر انه فى  ذات الوقت الذي كانت ظاهرة إلحاد أبناء القيادات حديث المجتمعات والأسافير والصحف كان رئيس هيئة علماء السودان مشغول في قناة فضائية بمناظرة وئام  شوقي وكان بقية(  الكورس) ناس مزمل فقيري وأبوبكر آداب والمهرج شيخ أحمد المصطفى مالين الفيس واليوتيوب فيديوهات عن وئام شوقي وبيمارسوا في سطحيتهم المعتادة
الخلاصة :
وقف عمر البشير مخاطبا جموع في القضارف في عيد الحصاد قبل انفصال الجنوب وقال حينها (لو انفصل الجنوب حا نطبق الشريعة الجد جد وحا نوقف الدغمسة ) واصفا أفعالهم بإسم الشريعة بالدغمسة وانفصل الجنوب وواصل فى الدغمسة حتى نهاية عهده .
يحكى لنا تراثنا الاسلامي انه عندما اتى الخوارج  لسيدنا علي كرم الله وجهه  رافعين شعار ( ما الحكم إلا لله  )قال سيدنا على كرم الله وجهه بانها كلمة حق أريد بها باطل .
ويحكى في التراث العالمى أنه عندما أراد ميكيافلي أن ينصح حاكم  مقاطعة فلورنسا  (ميدتشي) نصائح تعينه في الحكم كان أهم الوصايا هو لابد  للحاكم من استخدام الدين لا لخدمة الفضيلة بل لأنها الوسيلة الأفضل لتمكين الحكومة من السيطرة على الناس
إذن لم يكن الأمر عند الكيزان المتأسلمين أمر دين وإنما أمر دنيا كأن الدين   هو الوسيلة لها وكأن علماء الدين  جنودها و أدواتها  فعندما تشدد وقتل أبناءهم  تتم نجدتهم  بفقه  المراجعات وعندما سرقوا أعانوهم بفقه التحلل وعندما أكلوا الربا حللوه لهم  بفقه الضرورة وعندما  سفكوا الدماء ساندوهم بفتوة تجيز قتل ثلت الشعب  كل تلك الأفعال، ولم نرى  جعير وبكاء لدرجة الشحتفة في المنابر
خلاصة الخلاصة:
عندما خرج أسامة بن لادن فارا من السودان بروحه تاركا ماله أجرت معه مجلة المجلة السعودية لقاءا من أفغانستان  أجاب حينها عن كيف يصف النظام الحاكم فى السودان فقال ( هو نظام هجين بين الهوس  الدينى والجريمة المنظمة )
وكانت أبلغ ما قيل فى وصف النظام المباد
نختم بمقولات وأحديث اختفت من المنابر
قال سيدنا عمر رضى الله عنه:
(يهدم الإسلام ثلاث : زلة عالم ، وجدال منافق بالقران ،وأئمة  مضلون)
عن أبي هريرة أن الرسول الكريم قال :
(( إن في جهنم واديا  تستعيذ منه كل يوم سبعين مرة أعده الله للقراء المرايين  في أعمالهم وأن أبغض الخلق الى الله عالم سلطان))
وأيضا عن أبي هريرة أن الرسول الكريم قال:
((إذا رايت العالم يخالط السلطان مخالطة كثيرة فأعلم أنه لص))
وعن ابن عباس أن الرسول الكريم قال:
(( يكون في أخر الزمان علماء  يرغبون الناس في الأخرة، ولا يرغبون، ويذهدون الناس فى الدنيا، ولا يذهدون وينهون عن غشيان الأمراء ولا ينتهون))
وعن أبي ذر أن الرسول الكريم قال :
(( أخوف ما أخاف على  أمتي الأئمة المضلون))

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سيرة ذاتية مختلفة عن الدكتورة مريم الصادق المهدي

مشاط الشعر فى السسودان وتطوراته

سيرة 1ذاتية..البروفيسور سامى احمد خالد احمد مصطفى